دار في كبد سماء مكة المكرمة حوار بين القمر وساعة مكة ، وتباريا في قول البيان وفصاحة اللسان ، وتحدث الساهران عن ما رأياه من صنوف البشر وعوالم الأرض ، وما شاهداه من بدائع الخلق وإعجازه ، وجمال صنع الخالق جل جلاله.
فبادر القمر بالحديث قائلا :
لقد سبحت في الفضاء ، وجِلت السماء ، ورأيت كل الناس ورأوني ، أختال بجمالي وأرصع النهار بوجهي ، وأنير الليل البهيم بضوئي الدري.
بهلالي الرقيق تُعرف الشهور ، جمالي فريد ، ونوري تليد ، وباكتمالي جمالا لا يضاهيه شيء ، جاء حجاج بيت الله الحرام بعد ترائيهم ولادتي.
أنا من يضرب بي الجمال فيقال كبدر التمام ، وبرؤيتي يبدأ وينتهي الصيام ، وبي تُعرف الشهور والأيام ، وأمضي حينما الناس نيام إلا من رحمه ربي وأمضى الليل بالقيام.
وما أن انتهى حتى انتبزت ساعة مكة المكرمة بالقول :
أنا أتباهى بوقوفي على خير أرض ، وأتماهى على أطهر بقعة ، تنطلق مني أصدق الأصوات ، وأتربع على أفضل المواضع ، أحتضن توسعة الحرم ، وأظلل الحجاج والعمّار والزائرين.
أرى الكعبة في كل حين ، وأشير لوقت الصلاة ، وأنادي لها ، ووسام الشهادتين يزين عنقي ، وأضيء للتائهين بين جبال مكة ، وأنا أول ما يشاهده ضيوف الرحمن من كل الجهات الأربع.