إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده , تحمل الله سبحانه حوائجه كلها وحمل عنه كل ما أهمه , وفرغ قلبه لمحبته , ولسانه لذكره , وجوارحه لطاعته .
وإن أصبح وامسى والدنيا همه , حمله الله همومها وغمومها وأنكادها , ووكله إلى نفسه , فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق , ولسانه عن ذكره بذكرهم و وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم , فهو يكدح كدح الوحوش في خدمةغيره , كالكير , ينفخ بطنه ويعصر أضلاعه في نفع غيره .
فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته , قال تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )* 36الزخرف
قال سفيان بن عيينة / لا تأتون بمثل مشهور للعرب إلا جئتكم به من القرآن .فقال له قائل : فأين في القرآن (( أعط أخاك تمرة فإن لم يقبلها فأعطه جمرة ))؟
فقال في قوله : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )* 36الزخرف
كتاب : الفوائد للغمام ابن قيم الجوزية / ص 107
** اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك **